الاثنين، 28 يناير 2013

قيادة المرأة للسيارة "تحليل شخصي"

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان الى يوم الدين : 
كم أزعجنا موضوع قيادة المرأة للسيارة وكم أخذ من أوقاتنا في مجالسنا ونقاشاتنا, ليس فقط في السعودية بل في العالم كله, حتى هنا في الولايات المتحدة الأمريكية كلما ناقشت شخصا ما لا بد أن يطري قيادة المرأة في السعودية حينما يعلم أني سعودي , والله منذ أول يوم لي في الولايات المتحدة عام 2011 تناقشت مع مدير فرع أحد البنوك الشهيرة وكان من ضمن النقاشات قيادة المرأة للسيارة , وأخر نقاش كان قبل أسبوع تقريبا كان مع أمريكي من أصل سعودي لا يتكلم العربية ولم يزر السعودية ولكنه ملتزما متدين ناقش معي موضوع قيادة المرأة للسيارة في السعودية , وكان كل شخص يناقشني في هذا الموضوع يعتبره ظلما للمرأة في السعودية ولكني رغم هذه النقاشات إلا أني غالبا أفوز بإقناع الطرف الأخر برأيي وربما ذلك يكون لأني أعطي تحليلا في جوانب عدة عن قيادة المرأة .
رأيي في هذا الموضوع مختلفا نوعا ما عن المؤيد والمعارض , سأذكر لكم وجهة نظري الشخصية حول الموضوع أولا ثم أذكر الأسباب وفي أخر المقالة سأتكلم عن توقعاتي الشخصية حول الموضوع .
رأيي وبكل شفافية أني لا أرى مانعا من قيادة المرأة للسيارة لوجود مشاكل كثيرة كتب عنها الكثير ولكن لا أرى أن قيادة المرأة للسيارة في السعودية وفي الوقت الحالي مناسبة فأنا معارض وبقوة أن تقود المرأة السيارة في الوقت الحالي وسأذكر الأسباب من وجهة نظر شخصية قد تكون خاطئة ولكني مقتنع فيها. 
أرى أن الأسباب كثيرة جدا وقد تستغربون من بعضها إلا أنها سبب من اسباب اقتناعي بهذا الرأي:
أولا : رغم أننا بلد الترليونات إلا أننا لا نملك تلك البنية التحتية من الشوارع والطرق والجسور والأنفاق والعقاب , رغم ألاف المشاريع التي نسمعها عن بناء الطرق إلا أننا ما زلنا في أزمة شوارع وإن وجدنا شارعا مميزا لا نجد تلك التي تسمى باللوحات الإرشادية المرورية بالشكل المناسب وفي المكان الصحيح , وإن ادعينا أننا نملك ذلك الشارع المتقن الوسيع الرحب ذو اللوحات الإرشادية المميزة الرائعة الصحيحة إلا أننا نجد أن مرتادي ذاك الشارع لا يلتزمون النظام !! فهنا نجد أن المشكلة متواترة متراكمة على عاتق الجميع في الوزارات والإدارات والشركات والسائقين أنفسهم.
ثانيا : رغم كل المشاريع التي تقام في كل رحاب بلادنا إلا أننا نلاحظ عدم التزام المرور والشركات المقاولة لمشاريع الطرق والمرور بالقياسات والأنظمة الصحيحة التي يجب الالتزام بها أثناء القيام بالمشاريع إلا أننا لا زلنا نراها تقام بشكل عشوائي للغاية والدليل الضحايا بالعشرات من العاملين والسائقين . وأيضا لو تحدثنا عن تطبيق أنظمة المرور لا نجد أن المواطن أو السائق بشكل عام هو أول المخالفين بل نجد أن بعض رجال الأمن والمرور لا يلتزمون بأبسط أنظمة المرور كالحزام والجوال وكلنا نرى ذلك بأعيننا وأيضا أعرف رجال أمن حينما يقودون سياراتهم الخاصة أجدهم أول المخالفين بدعوى أنهم زملاء لرجال الأمن الذين سيتغاضون عنهم!
ثالثا: قد أكون تحدثت عن رجال الأمن كثيرا ولكن دعوني أتحدث عن الرجال والشباب الذين هم الأن من يقود في شوارع المملكة فكم نرى من المتجاوزين للأنظمة والمخالفين للتعليمات بشكل فادح لدرجة أن النظامي يعتبر شاذا في هذا المجتمع . فلا نجد احتراما لحق الطريق ولا لسالكه. ونجد أيضا أن الرجال ينحرجون من تطبيق النظام أمام المعارف والأقارب والأصدقاء والأصحاب . وأيضا نجد أن كثيرا من الشباب لا يحترم حقوق الأخرين أثناء القيادة وما أكثر المشاكل التي نراها وغالب اسبابها مما ذكرت. 
رابعا: دعونا نتحدث عن السيارات ومواصفاتها ومعايير السلامة فيها نجد أن سياراتنا أبعد ما تكون عن معايير السلامة حتى في السيارات التابعة للأمن فلا طفاية حريق وكم نجد من الأنوار المحترقة وأيضا عدم فحص السيارات بشكل مناسب والقصص التي واجهتها كثير حتى مع سيارات الأمن. وأذكر حينما كنت في إحدى المحاكم في ولاية كاليفورنيا الأمريكية كان عددا كبير من المراجعين عند القضاة بسبب عدم التزام سياراتهم بمعايير السلامة.
خامسا : لا هيبة في السعودية أبدا لما يسمى برخصة السياقة فهي كغيرها من البطائق التي نحملها والدليل أن نسبة كبيرة جدا ممن يقودون سياراتهم بلا رخصة إلا درجة أن الأطفال يقودون في السعودية وبلا رخص ودليل آخر على عدم هيبة الرخصة أن نظام سحب الرخص لا يساوي شيئا بالنسبة للسعودي في السعودية رغم أني أراهم يتعاملون فيها بأمريكا وكأنها بطاقة التعريف الشخصي وهي كذلك ولكن هنا أشعر بهيبتها أقصد بأمريكا . ودليل أخر على أنه لا هيبة للرخصة ما نراه من واسطات في استخراج الرخص حتى أنها تصل إلى المنازل بدون تعب أو اختبار لبعض الناس وخاصة العسكر!! وهذا خطر كبير والدليل ما نراه كل يوم من حوادث وخسارات في الأرواح والأموال. هنا في أمريكا قد يرسب الشخص أكثر من خمس مرات ولا مجاملة أو واسطة في مثل هذه الاختبارات أبدا.
سادسا: نجد حاليا أزمة كبيرة في مواقف السيارات في كل مكان , عند المنازل والأسواق والمجمعات التجارية والمستشفيات والمراكز والدوائر الحكومية والجامعات والمدارس والكليات والشواطئ والأماكن الترفيهية. لا نجد مواقف كافية بغض النظر عن ردائتها وعدم صلاحيتها كمواقف سيارات. 
سابعا : دعوني أتحدث عن الطرق السريعة وما تقدمه من خدمات , كم أشعر بالقهر والحسرة حينما أقود السيارة في الطرق السريعة في السعودية ولا أجد خدمات الطريق بالمعنى الصحيح للخدمات, لا محطات انسانية ولا هلال أحمر ولا نقاط تجمع أمني للطوارئ والضحايا بالألاف سنويا . أذكر مرة أني كنت مع أهلي في طريقنا إلى جدة قبل عدة أعوام والله أننا قطعنا مسافة 200 كيلو بلا أي محطة وقود على الجانبين والله على ما أقول شهيد!!! فما رأيكم ؟؟ وقد قطعت قبل شهر مسافة أكثر من 2200 كيلو في الولايات المتحدة قطعت فيها عشرات المدن وعدد من الولايات وفوق كل هذا والله أني كنت وحيدا طول المسافة ولا أجد أي صعوبة تذكر بل والله أنها كانت من أجمل لحظات عمري .. كم أشعر بالقهر يا بلد الإسلام..
ثامنا واخيرا: لا أرى حاليا أن المجتمع السعودي يتقبل أن يرى النساء يقدن السيارات وذلك لأسباب عدة دينية واجتماعية وغيرها.. بالرغم أني أعلم بأماكن داخل السعودية يسمح فيها للمرأة بالقيادة علنا وحتى أمام الجهات الأمنية ورأيت ذلك بأم عيني .
أرى أنه في حال تجاوز كل العقبات التي ذكرتها في المجتمع السعودي ذلك الوقت يكون الوقت المناسب لمناقشة هذه القضية وخاصة بعد تجاوز الرجل السعودي لمراحل نفسية واجتماعية تسمح له بتقبل رؤية المرأة وهي تقود وأرى أنها مرحلة صعبة كمرحلة "الدشوش" في السعودية عام 1412 تقريبا .
توقعاتي حول القضية :
أتوقع والله أعلم أنه سيسمح بقيادة المرأة للسيارة قريبا في السعودية وسيغض المسؤولون النظر عما ذكرت من مشاكل حيث أنهم سيدركون حجم المشكلة بعد عدة سنين , وحين السماح لقيادة المرأة سنواجه :
أولا : مشاكل اجتماعية متفشية في العوائل السعودية ولن أدخل في التفاصيل بشكل عميق إلا أن أهل الاختصاص أعلم . وأتوقع أن تزيد نسبة الطلاق بالسعودية والقيادة ستكون سبابا مباشرا وغير مباشر في القضية.
ثانيا: سنواجه مشاكل مرورية جديدة تتراكم على ما ذكرت من مشاكل كالزحام وغيرها من ارتفاع نسبة الحوادث مما ينتج عنه خسارة بالمليارات لصيانة السيارات وذلك يؤدي إلى ارتفاع ارباح اصحاب الوكالات والورش والصناعيات بشكل عالي جدا .
ثالثا أرى أن نسبة الديون والقروض سترتفع بشكل مخيف وخطر على المجتمع السعودي فكثيرا من العوائل ستحتاج مزيدا من السيارات التي تجبرهم على الحصول على سيولات نقدية من البنوك وغيرها مما يسبب مشكلات اقتصادية جديدة وأيضا ارتفاعا في أرباح البنوك. 
رابعا: رغم كل هذا الا اني أتوقع أن نرى من كان يمانع من قيادة المرأة بعد سنوات يبحث عن واسطة لإصدار رخصة السياقة لبنته أو ما شابه , كما نرى حاليا من واسطات لتوظيف البنات بعدما كانت مواجهات عنيفة حول منع تعليم البنات. 
خامسا : أرى أنه سترتفع نسبة الذهاب للأسواق والأماكن العامة وأماكن الترفيه مما يشكل كما ذكرت مشكلات اجتماعية وايضا ارتفاع الحاجة إلى مواقف السيارات مما يسبب أزمة وأيضا سيكون ذلك جيدا لأصحاب المحلات , وزيادة التسوق وارتفاع نسبة زيارة الأماكن العامة سيجعلنا نحتاج لمزيدا من مراكز الهيئات ورجالها في كل مكان وكذلك الأمر مع رجال الأمن والمرور. 
أعترف أني اسرفت في التعبير عن وجهة نظر شخصية حول قيادة المرأة ولكني حاولت أن أذكرها بالتفصيل لتظهر وجهة نظري بشكل واضح من أغلب الجوانب.
أشكر كل من صرف شيئا من وقته ليقرأ وجهة نظري وأرحب بصدر رحب للغاية لوجهات نظركم وانتقاداتكم ولكم جزيل الشكر مجددا.

م/فيصل بن غازي البيشي 
جامعة ولاية واشنطن 
الولايات المتحدة الأمريكية 
27/01/2013

مع العلم أني لا أتوقع أن أسمح لنفسي بأن أرى أختي أو أمي أو بنتي أو احدى قريباتي وهي تقود سيارتها!!!

هناك 9 تعليقات:

  1. أحسنت أخي فيصل .. وضعت النقاط ع الحروف .. وخاتمتكـ هي التي لانرضاها جميعا

    مع العلم أني لا أتوقع أن أسمح لنفسي بأن أرى أختي أو أمي أو بنتي أو احدى قريباتي وهي تقود سيارتها!!!

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك على التفاعل أخ سلمان ولكن قد تخالف الأيام ما أقول وقد يكون السبب نفسي لا أكثر كما ذكرت

      حذف
  2. اشكرك على المقال اخي فيصل لم ارد عليك على صفحة الطلبة السعودين وانا اتفق معك أنا القوانين غير مطبقة في السعودية وهذا يزيد من الامر تعقيداً وخطورة في تطبيقه من دون دراسة والبدء في عمل قوانين تجعل كل طبقات المجتمع تخضع لها. اما بالنسبة لقيادة المرأة مهما اختلفنا مع بعض فهي عبارة عن وجهات نظر تختلف وتحتمل الصواب والخطاء ولكن للأسف اخي الكريم نحن شعب نهتم بالقشور ونترك الامور التي تلامس مصالح الشعب الاساسية..... في السعودية اخي الكريم الاعلام مريض جداً ويعطي المواضيع التي هي بعيدة المدى اكثر اهتمام ولم يكلف نفسه في مناقشة المواضيع التي تجر وتدمر المجتمع والأسر ولكن لن نرمي ألوم عليهم فالبعض يحمل الدكتورة المزورة فكيف يرقى بمهنة كالأعلام.

    قيادة المرأة اخي الكريم قد تكون احد الحلول المستقبلية في الحد من الامور التي لا تخفى على الجميع اخي الكريم في الصيف الماضي يتكلم معي احد الأخصائيين النفسين ويقول ان فيه عدد كبير من الاطفال في حالة سئية وهذا يعود لتحرش الجنسي الذي اكد ان اغلبها تأتي من السائق الخاص.


    نعم اذا اصبحنا مثل الدول المتقدمة ولعلك طرحت مثال في مقالك فانا اول من يرحب بقيادة المرأة. تقبل مروري و دمت بود

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك جزيل الشكر على هذا الرد الرائع

      حذف
  3. موضوغ هام جدا , و قلما من تكلم فيه بالتفصيل , أبدعت يا اخي فيصل




    أخوك علي العمري

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك أخوي علي على متابعتك الغالية

      حذف
  4. ما أظن إنك أهملت عامل أساسي بالبنية العامة للقضية !! شكلت الفكرة بطريقة رائعة وكلامك مخلوق من عوامل الصحة والإقناع!! لكن من وجهة نظري المشكلة الأعظم ستكون مشاكل إجتماعية !! سترى نسبة إغتصابات عالية بضمان مني !! سترى زيادة التحرش !! إلى أن نتجاوز فترة الخطر التي أقدرها من سنتين الى أربع سنوات !! مجتمعنا مريض ولن نستطيع أن نداويه بيوم وليلة لذلك التضحية بالطريقة الصعبة سيكون إختيار صعب لنقرره !! اشكرك على ماخط قلمك !! وبالنهاية الموضوع أخذ أكثر من قيمته أتمنى أن ينتهي قريبا لان مرت سنوات وأهدرت الكثير من الحروف في متاهات خلافه !! kax

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك أخي الغالي كمال على تعليقك ورأيك يهمني كثيرا كونك قلم مبدع ومفكر منتقد

      حذف
  5. ولماذا يجب على النساء ان تتحمل ذنب هي لم تفعلة او بسبب مشاكل طرق او....او....او...
    بينما الرجال والأطفال يمرحون ويذهبون ويفعلون اي شي بلا رقيب او حسيب ماهذه الانانية..!! لماذا لاتعارضون
    اما عندما المرأة تريد ان تمارس حقها الطبيعي والبديهي تعارضون وتمنعونها ولاتعرفون مشاكل الطرق او المشاكل المرورية الا عندما تقود المرأه ..!!!
    انا ارى المقال فيه انانية جدا

    ردحذف